مقالات رأي
أخر الأخبار

لبنان بين تصعيد إقليمي خطير وأزمة سياسية عميقة: غارات إسرائيلية وفشل مجلس النواب في القيام بواجباته

كريم حداد *

 
تشهد الساحة اللبنانية تصعيداً غير مسبوق عقب مغادرة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، حيث تكثفت الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت والنبطية، ما أسفر عن تغيير كبير في معالم هذه المناطق وارتفاع مقلق في عدد الضحايا. في المقابل، أعلن حزب الله مسؤوليته عن استهداف منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بينما تعهد نتنياهو بإعادة سكان شمال إسرائيل إلى منازلهم رغم الضغوط.
 
وفيما تصر إيران، عبر الحرس الثوري، على أن إسرائيل لن تقوم بعملية واسعة، يبدو أن القرار اللبناني بات في أيدي طِهران، التي تتفاوض نيابة عن لبنان، وَسَط رفض من الحكومة اللبنانية لهذه التدخلات الصريحة. وفي سياق متصل، تتجه الأنظار نحو مؤتمر باريس القادم الذي سيخصص لبحث تقديم مساعدات للبنان ودعم الجيش، بينما يستمر التصعيد العسكري الإسرائيلي على الأرض.
 
من جهة أخرى، لا تزال المخاوف من حرب أهلية جديدة تتزايد، خاصة مع الحملة التحريضية التي يشنها مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله، محمد عفيف، ضد وسائل الإعلام التي تنقل الأحداث بشفافية، متهماً إياها بالترويج لرواية “أعداء المقاومة”. ومع تزايد الضغوط الإسرائيلية وتراجع الوضع الإنساني، تتصاعد الدعوات لتسليم سلاح حزب الله للجيش اللبناني وفقًا للدستور ووثيقة الوفاق الوطني.
 
لكن الأزمة السياسية في لبنان لم تقتصر على التصعيد الميداني، حيث شهد مجلس النواب اللبناني تكراراً لمشهد الفشل في تحقيق النصاب لجلسة انتخاب اللجان النيابية، وهو مشهد يعيد البلاد 49 سنة إلى الوراء. الجَلسة النيابية التي دعا إليها رئيس المجلس نبيه بري لم تعقد بسبب غياب النصاب القانوني، فتم اعتبار اللجان النيابية الحالية قائمة وفقًا لقاعدة استمرارية المؤسسات. هذه السابقة اعتمدت سابقًا في جلسات عقدت أعوام 1976 و1989 و2019، لتؤكد أن المجلس النيابي غير قادر حاليًا على القيام بواجباته الأساسية في ظل الانقسام السياسي الحاد.
 
ختامًا، يجد لبنان نفسه عالقًا بين تصعيد إقليمي شديد الْخَطَر وفشل داخلي في إدارة أزماته السياسية. ومع استمرار الغارات الإسرائيلية والتوترات الطائفية المتفاقمة، يبدو أن البلاد أمام مفترق طرق خطير، حيث يتطلب الأمر جهودًا دولية ومحلية عاجلة لوقف التدهور قبل فوات الأوان.
* كاتب صحفي ومحلل سياسي من لبنان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى